الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية تأنيث الإرهاب في تونس: فتيات منتشيات بسفك الدّماء وعجوز متهمة بالجهاد الجنسي

نشر في  20 أوت 2014  (11:47)

 تموين الجماعات الارهابية و تسهيل تنقلاتهم والاحتفال باستشهاد جنودنا، والتورط في قضايا اخلاقية مع بعض التكفيريين. تعددت التهم و المشتبه فيه واحد : انها حوّاء تونس التي ظهرت مؤخرا كرافد وعنصر في معادلة التنظيمات الارهابية. ارهاب بتاء التأنيث اذن.
ما لا يقل عن عشرة نساء القت عليهنّ القبض مؤخرا وزارة الداخلية وفي اكثر من مدينة (تونس العاصمة و القصرين وسيدي بوزيد و الكاف). الملاحظ في قائمة المتهمات انتماء اغلبهن الى فئة عمرية صغيرة نسبيا، على غرار الاربع فتيات المتهمات بالتعبير عن فرحتهن بعد مقتل عدد من الجنود في احداث ليلة 18 جويلية السابق بالشعانبي، وذلك وفق بلاغ صادر عن وزارة الداخلية في 12 اوت الجاري.
فقر وتهميش و غياب لـ»دولة الترويكا»
 ما الذي يدفع بهؤلاء الفتيات لاعتناق تفكير تكفيري؟ سؤال يجيب عنه الباحث في التيارات الاسلامية عليّة العلاني مفسرا ذلك بعاملين اثنين. اولهما العامل الاقتصادي الذي لخّصه العلاني في الفقر والحاجة. وفي هذا السياق قال ان البيئة الاجتماعية والاقتصادية الهشّة للمناطق المهمّشة و التي انطلقت منها الثورة التونسية تقف وراء مد يد العون للارهابيين.
اما السبب الثاني، وفق عليّة العلاني فهو ايديولوجي بالاساس، وذلك عبر عمليات غسيل الدماغ التي استهدفت بعض النساء خلال فترة حكم الترويكا التي تخلت فيها الدولة عن دورها في مراقبة المساجد والجمعيات الدينية، وهو ما ادى الى استقطاب العشرات من الفتيات لتسفيرهن الى سوريا او الاعتماد عليهن كمخزون بشري هام للاستعانة به في العمليات الارهابية في تونس. العلاني وجه نداء للحكومات القادمة بوضع استراتيجيات تنموية مضادة تكون فيها الاولوية للأحزمة السكانية المحرومة، بالاضافة الى العودة الى الاسلام الزيتوني المحلي الذي يتسم بالوسطية و يتعارض كليا مع تيارات الاسلام السياسي الوافدة والمتشددة.
ارهاب الطبقة الميسورة
اما الرسامة والناشطة الجمعياتية صديقة كسكاس فانها تحمّل الدولة مسؤولية عدم دعم المنظمات والجمعيات المدنية التي ما فتئت تأخذ على عاتقها توعية وتوجيه الشباب حتى لا يكون فريسة سهلة لمخططات ظلامية. وبالنسبة لانتماء بعض النساء للجماعات المتشددة، فانه امر غريب بالنسبة لهذه الرسامة، خاصة وان التركيبة النفسية للمرأة عادة ما تكون مرتبطة بالليونة والتسامح، مبررة هذا الانحدار نحو الارهاب بالتصحر المعرفي والتعليمي والثقافي داخل المجتمع التونسي.
النقابي الامني الحبيب الراشدي ينفي من جهته اعتبار الفقر والتهميش عاملين اساسيين في صنع نساء إرهابيات، مشيرا الى تورط فتيات من حي النصر بالعاصمة في تموين او اخفاء عناصر تكفيرية على غرار بعض الشباب من العائلات الميسورة الذين سافروا للجهاد بسوريا. بينما لم يخف الراشدي تواطؤ بعض النساء بالشريط الحدودي الغربي مع جحافل الارهابيين عبر مدهم بالطعام والمعلومة والملجأ وحتى المتعة الجنسية. ويذكر ان وزارة الداخلية قد اعلنت في الايام القليلة الفارطة عن القاء القبض على عجوز بتهمة تزويد جماعات ارهابية بالمؤونة وتسهيل تنقّلاتهم و التورّط معهم في قضايا اخلاقية.
وبالرغم من تواتر الاخبار عن تورط هذه المرأة او تلك في دعم الإرهاب، تبقى المعطيات شحيحة عن هوية و تكوين و مستوى هؤلاء النسوة، في انتظار دراسات ميدانية تميط اللثام عن سياق انضمامهن الى التيارات المتشددة. تقول استاذة علم الاجتماع بدرة قعلول : «استقطاب الارهابيين للنساء ملف عميق ويحتاج الى التمعن والدراسة، ولكنه لا ينفي خبث هذه التنظيمات التي تستغل العنصر النسائي لما له من مرونة في التنقل و الاندساس داخل المجتمع بالإضافة الى إداركهم لقدرة المرأة على التحوّل من انسان هادئ الى كائن شرس و ذكي، ولنا ان نتأمل عمليات الجوسسة الناجحة في العالم والتي تقف وراء اغلبها نساء».
صحيح ان دخول بعض النساء على خط الارهاب في تونس لا يزال في مراحله الاولى الا ان هذا الملف الاهمية القصوى عبر معالجة اسبابه سيكون جدار الصد الاول امام تأنيث اكثر للارهاب. 

من داعش إلى بوكو حرام، نساء إرهابيات باسم الإسلام انتحاريات

خلصت بعض الدراسات عن الجماعات المتشددة الى ان اول عملية ارهابية تقوم بها امرأة لفائدة تنظيم القاعدة جدت في بلدة القائم بالعراق وذلك عام 2004 . واستهدفت تجمعا لعدد من رجال الأمن العراقيين. ومع اعلان أبو مصعب الزرقاوي، زعيم تنظيم القاعدة في العراق فتح باب «الجهاد» امام المرأة تتالت العمليات الانتحارية للنساء ، حيث نفذت انتحارية عراقية عملية في بلدة تلعفر القريبة من الحدود السورية في سبتمبر 2005 ، ثم ذاع صيت الانتحارية ساجدة الريشاوي، التي شاركت في تفجير احد الفنادق في العاصمة الأردنية عمان وهو  ما ادى إلى وفاة مخرج فيلم الرسالة محمود العقاد في نوفمبر 2005، و هي انتحارية عراقية كانت تشتغل بائعة خضراوات، متزوجة من احد اعضاء تنظيم القاعدة ببلاد الرافدين.
ممنوع التفتيش
ويرى مراقبون أن تزايد الاعتماد على النساء لتنفيذ العمليات الانتحارية، يعود إلى كون النسوة أقل تعرضا للتفتيش، وبالتالي يسهل عليهن الوصول بأحزمتهن الناسفة إلى الأسواق والتجمعات التي يصعب على الانتحاريين الرجال بلوغها، فإذا كانت هناك امرأة حامل أو تتظاهر بالحمل وتدخل في موكب زفاف، فلن يثير ذلك الشبهات. على المستوى الافريقي عمد تنظيم بوكو حرام في نيجيريا الى محاكاة النموذج الطالباني الأفغاني عبر اختطاف 200 فتاة مؤخرًا والتهديد ببيعهن، مما سلط الضوءعلى وحشية الجماعات المتشددة.حيث افادت شهادات بعض الفتيات اللواتي تمكنَّ من الهروب من قبضة التنظيم، سعي الجماعات الإرهابية إلى تحويل بعض الفتيات إلى مجرمات لربطهن بالتنظيم بشكل عضوي. بالاضافة الى استعبادهن.
نساء لبؤات
 اما في آسيا فتعتبر سوريا من أبرز المناطق التي تكثف فيها وجود العنصر النسائي ضمن المجموعات المتطرفة وفي صفوف ميليشيات النظام السوري، مما يعدّ تغيرا نوعيا لدور النساء داخل هذه التنظيمات. وكانت الخطوة الأولى في تجنيد الإناث للقتال اتخذها نظام الأسد بتكوين كتائب للإناث في ماي 2012 والتي شُكلت من نحو 500 امرأة سميت كتائب «اللبؤات» للدفاع الوطني، ذراع النظام الرئيسية لمكافحة التمرد. وقد اتسمت كتائب نساء الأسد بوحشيتها، حتى إنهن مَن ذبحن حوالي 108 مواطنين سوريين من بينهم 34 امرأة و49 طفلا في مدينة حمص فقط وفقا لتقارير دولية. ولكن الجهاد النسائي في سوريا ضمن المجموعات المتشددة كـ”جبهة النصرة” و “داعش” لم يقتصر فقط على السوريات، فقد فتحت هذه التنظيمات المجال لاستقطاب النساء والفتيات من جميع أنحاء العالم .وهو ما كشفته العديد من التقارير الصحفية والاستخباراتية التي وثقت ذلك، وهذه الظاهرة أكدها وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو، الذي كشف أن العديد من النساء التونسيات يسافرن إلى سوريا لممارسة “جهاد النكاح” قبل أن يعدن حوامل إلى تونس.

محمد الجلالي